عند الحديث عن بناء قاعدة قوية من الكفاءات، غالبًا ما يتم استخدام مصطلحي استقطاب المواهب والتوظيف بالتبادل. للوهلة الأولى قد يبدوان متشابهين، إذ إن كلاهما يتعلق بالعثور على أفراد لشغل الوظائف. لكن هناك فرق جوهري بينهما، وفهم هذا الفرق يعد أمرًا أساسيًا لمسؤولي الموارد البشرية، وقادة الأعمال، والباحثين عن فرص مهنية.
استقطاب المواهب لا يعني مجرد التوظيف للحظة الراهنة؛ بل يتعلق بوضع خطة للتطوير المستقبلي. في المقابل، يركز التوظيف على الجانب التكتيكي، أي سد الشواغر بسرعة. لنلقِ نظرة على الفرق بين هاتين الوظيفتين ولماذا يحتاج السوق التنافسي اليوم إلى كليهما.
استقطاب المواهب هو عملية استراتيجية تهدف إلى إيجاد أفضل الكفاءات، جذبها، والاحتفاظ بها. يعتمد على فهم متطلبات القوى العاملة طويلة المدى وربطها باستراتيجية العمل الكلية. فلا يقتصر الأمر على ملء الوظائف الحالية، بل يشمل أيضًا تحليل اتجاهات السوق، بناء سمعة مميزة لصاحب العمل، وإنشاء قاعدة من المرشحين المؤهلين لدعم نمو الشركة مستقبلًا.
الأمر لا يتعلق بـ "الآن فقط"، بل باستشراف ما ستحتاجه الشركة من مهارات في المستقبل. على سبيل المثال، إذا كانت شركة تقنية تخطط للتوسع في مجال الذكاء الاصطناعي بعد ثلاث سنوات، فإن فريق الاستقطاب يبدأ من الآن بالبحث عن خبراء في هذا المجال.
التوظيف، على النقيض، نشاط مؤقت يهدف إلى سد شاغر محدد بشكل فوري. يعمل المٌوظِّف على الإعلان عن الوظائف، مراجعة السير الذاتية، إجراء المقابلات، وتعيين مرشح مناسب بأسرع وقت ممكن.
عادةً ما يكون التوظيف عملية تفاعلية: بمجرد أن تصبح هناك وظيفة شاغرة، يبدأ فريق التوظيف البحث عن المرشح الأنسب. التركيز هنا على الكفاءة والسرعة أكثر من التركيز على التخطيط طويل الأمد.
رغم أن الهدف مشترك وهو تعيين الكفاءات، إلا أن المنهجية تختلف:
التوظيف يشبه "سباق السرعة": يركز على الحاضر وسد الشواغر بشكل عاجل.
استقطاب المواهب يشبه "الماراثون": يركز على المستقبل، بناء العلاقات مع المرشحين، وتشكيل صورة الشركة كخيار أول للموظفين الموهوبين.
الأدوات تختلف كذلك: حيث يعتمد المٌوظفون غالبًا على الإعلانات وقواعد البيانات، بينما يستفيد متخصصو استقطاب المواهب من الحملات التعريفية بالعلامة الوظيفية، الشراكات الجامعية، والتخطيط للتعاقب الوظيفي.
السبب أن كليهما يتعلق بالتوظيف. وفي الشركات الصغيرة عادةً ما يقوم نفس الشخص بكلا المهمتين، مما يجعل المصطلحين متشابهين في نظر الكثيرين. لكن مع توسع الشركات، يصبح من الضروري الفصل بين الدورين.
على سبيل المثال، قد تحتاج شركة ناشئة صغيرة تضم 20 موظفًا إلى مُوظف واحد فقط. بينما تحتاج شركة عالمية إلى فريق كامل للاستقطاب من أجل ضمان تدفق دائم للمواهب عالية المستوى على المدى الطويل.
كلاهما مهم ولكن لأسباب مختلفة:
التوظيف يحافظ على سير الأعمال بسلاسة عبر سد الشواغر بسرعة.
استقطاب المواهب يضع الأشخاص المناسبين في أماكنهم لدفع النمو والابتكار والنجاح المستدام.
الشركات الناجحة هي التي توازن بين الاثنين: معالجة الشواغر العاجلة مع الاستعداد المستقبلي لبناء فرق قوية.
المٌوظِّفون: يركزون على الإعلان عن الوظائف، مراجعة السير الذاتية، إجراء المقابلات، وتقديم عروض العمل.
متخصصو استقطاب المواهب: يضعون استراتيجيات شاملة، يبنون علاقات طويلة المدى، ويربطون خطط التوظيف بالأهداف المؤسسية.
التوظيف جزء من استراتيجية أوسع تسمى استقطاب المواهب. على سبيل المثال، عند الحاجة الفورية لمطور برمجيات، يتولى المٌوظِّف هذه المهمة. في الوقت ذاته، يقوم فريق الاستقطاب ببناء قاعدة من المرشحين الجدد من الجامعات أو الأسواق، ليضمن توفر المهارات في المستقبل.
ميزة تنافسية: المؤسسات التي تركز على استقطاب المواهب تتفوق في الحصول على أفضل الكفاءات قبل المنافسين.
الاحتفاظ بالموظفين: التركيز على الملاءمة الثقافية والأهداف طويلة المدى يقلل معدل دوران العمالة.
توفير التكاليف: التخطيط المسبق يقلل من الاعتماد على التوظيف الطارئ أو الشركات المكلفة.
الاستعداد للمستقبل: الشركات التي تركز على استقطاب المواهب تكون أكثر جاهزية للتحولات الرقمية ونقص المهارات.
سواء كان لديك شواغر عاجلة أو وظائف مستقبلية، فإن إدراك الفرق بين التوظيف واستقطاب المواهب يمكن أن يغير نهجك بالكامل. إذا كنت تعاني من ارتفاع معدل الدوران أو صعوبة العثور على المهارات المطلوبة، فقد حان الوقت لتبني استراتيجية أكثر استدامة.
وإذا كنت متخصصًا في الموارد البشرية، أو مسؤول توظيف، أو مديرًا يتطلع لتطوير مهاراته في هذا المجال، يمكنك الانضمام إلى دورات إدارة المواهب المقدمة من معهد لندن كراون للتدريب، لتتعلم أحدث الاستراتيجيات في الاستقطاب والتوظيف وتطوير الموظفين.